الخميس، 18 ديسمبر 2008

انخفاض الأسعار يقرب بين الأوبك وغير الأوبك

د. فهد بن جمعة

إن الأوبك تستطيع أن تحد من انخفاضات أسعار النفط لو كانت فعلا جادة في تخفيض الإنتاج والالتزام بسقفها الرسمي عند مستوى 27.3 برميل يوميا بدون إنتاج العراق بالقدر الذي يجفف الفائض في المعروض ويعطي انطباعات لدى المتعاملين بأن فجوة الطلب سوف تتسع ما يحفز المستهلكين والمضاربين على الشراء ورفع الأسعار مرة ثانية.

لكن ما زالت نظرية احتكار القلة قائمة وذلك بتأديب الدول المنتجة خارج الأوبك وذات التكاليف المرتفعة من أجل تخفيض إنتاجها بالتوازي مع تخفيضات الأوبك. لذا نرى أن انخفاض الأسعار إلى مستويات 35 دولارا للبرميل سوف يحمل بعض تلك الدول المنتجة ذات التكلفة الإنتاجية المرتفعة في الأوبك وخارجها خسارة باهظة قد لا تستطيع بعدها العودة إلى السوق مرة ثانية إلا في الأجل الطويل وعند أسعار مرتفعة جدا. فلا نستغرب عندما تكون دول مثل إيران ونيجيريا وفينزويلا التي تواجه أزمة حقيقية في مدفوعاتها إنها لا تقبل بارتفاع بسيط في الأسعار حتى عند سعر 75 دولارا للبرميل التي تراه السعودية أكبر منتج للنفط في العالم أنه سعر عادل لأنها تحتاج إلى عائد كبير من خلال تجاوز الأسعار حاجز 100 دولار ما يتعارض مع مصالح الدول ذات الإنتاج الأكبر والمعتدلة في سياستها و تهدف إلى استقرار الأسعار في الأسواق العالمية .

فقد يكون ذلك سببا في عدم التزام دول الأوبك بتخفيض الإنتاج ولا حتى الالتزام بحصصها لتباين الأهداف والفوائض النفطية فيما بينها. فرغم انخفاض المخزون الأمريكي بواقع 400 ألف برميل إلى 320.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 28 نوفمبر وذلك لأول مرة يحدث في العشرة الأسابيع الماضية لم يكن له أثر إيجابي على الأسعار لأن المتعاملين في أسواق النفط يدركون أن الفائض في المعروض مازال كبيرا وأن الأوبك في العادة لا يلتزم أعضاؤها بقرارات التخفيض إلا إذا ما أرادت السعودية عمل ذلك.

إن تدهور الأسعار مازال قائما وقد تتجه من نطاقها الحالي عند 44 دولارا لنايمكس إلى نطاق 35 دولارا في الربع الأول من عام 2009 تزامنا مع موسم انخفاض الطلب على النفط بعد انتهاء موسم الشتاء. لذا سوف يكون قرار لأوبك في 17 ديسمبر في الجزائر حاسما إذا ما أرادت أن تخفض الإنتاج بما يقارب 2.5 مليون برميل إضافية مع التأكد أن التخفيض السابق قد تم تطبيقه حتى يكون لذلك انعكاسات ايجابية على الأسعار.

لكن قرار الأوبك سوف يكون أيضا مربوطا برغبة روسيا في تخفيض إنتاجها بعد أن أبدت استعدادها بالتعاون معها بعد أن أدركت أن انخفاض الأسعار الحاد لا يخدم مصالحها الاقتصادية وان بعض دول الأوبك التي حققت فوائض مالية قادرة على تحمل تلك الأسعار المنخفضة لفترة أطول دون أن تتأثر ميزانياتها. لكن تخفيض شركة ارامكو لأسعارها في الشهر القادم في الأسواق الأمريكية والأوروبية بينما رفعتها بالنسبة للأسواق الآسيوية ذات النمو الاقتصادي الأعلى يشير إلى أن السعودية قد تدفع الأوبك إلى تخفيض كبير في إنتاجها في اجتماع الأوبك القادم بعد أن تتخلص من الكميات الفائضة لديها من خلال بيع نفطها عند أسعار متباينة في الأسواق المستهلكة.

ليست هناك تعليقات: